للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا الأذكار المفيدة بمحال مخصوصة أفضل من القراءة المطلقة، والقراءة المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة، اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن.

مثاله أن يتفكر في ذنوبه فيحدث ذلك له توبة من استغفار أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الإنس والجن فيعدل إلى الأذكار والدعوات التي تحصنه وتحفظه.

وكذلك أيضاً قد يعرض للعبد حاجة ضرورية إذا اشتغل عن سؤالها أو ذكر لم يحضر قلبه فيهما، وإذا أقبل على سؤالها والدعاء إليها اجتمع قلبه كله على الله تعالى وأحدث له تضرعاً وخشوعاً وابتهالاً، فهذا يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه أنفع، وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجراً.

وهذا باب نافع يحتاج إلى فقه نفس، وفرقان بين فضيلة الشيء في نفسه وبين فضيلته العارضة، فيعطي كل ذي حق حقه، ويوضع كل شيء موضعه" (١).

المسألة الخامسة: من آداب الذكر والدعاء (٢).

وهذه الآداب في مجملها لها تعلق وثيق بالدعاء، وهي:

١ - الإخلاص لله والمتابعة للنبي ، وقد سبق الكلام على ذلك، وسيأتي له مزيد بيان.

[٢ - أن يبدأ بحمد الله، والثناء عليه، ثم بالصلاة على النبي ، ويختم بذلك.]

وقد دل على ذلك: عَنْ عَلِيٍّ - يَعْنِي ابْنَ أَبِي طَالِبٍ - قَالَ: "كُلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حَتَّى يُصَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ" (٣).


(١) الوابل الصيب - ط دار الحديث (ص ٩١ - ٩٢).
(٢) ينظر: الدعاء من الكتاب والسنة (ص ٨ - ١٠).
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (١/ ٢٢٠) ح (٧٢١)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣/ ١٣٥ ط الرشد) ح (١٤٧٤)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ١٦٠) ح (١٧٢٧٨): " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ"، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٥/ ٥٤) ح (٢٠٣٥) وقال (٥/ ٥٥): " وهو في حكم المرفوع لأن مثله لا يقال من قبل الرأي كما قال السخاوي".

<<  <   >  >>