للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: تحقيق التوحيد.]

وقد سبق الكلام عن هذه الفائدة العظيمة، وأضيف هنا أن الإخلاص لله تعالى والمتابعة لهدي النبي في عبادة الذكر والدعاء يثمر صفاء العقيدة من شوائب الشرك في هذا المجال، وتحقيق التوحيد والحرص على حماية جنابه من كل وسيلة وذريعة تؤثر عليه وتكدر صفوه.

[المطلب الثالث: ذكر الله لعبده.]

وفي الذكر فائدة عظيمة جليلة المقدار، وهي أن الله بجلاله وعظمته وكماله يتفضل على العبد الذي يذكره بذكره له، وهذا والله هو أعظم الشرف، وأي شرف يداني هذا الشرف؟ وأية عزة ورفعة تداني هذا الأمر؟ وقال الله تعالى في بيان ذلك: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: ١٥٢].

وكما سبق في الحديث: قَالَ النَّبِيُّ : «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: … فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَاءٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَاءٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» الحديث.

وعَن النَّبِيِّ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ ﷿، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَطْيَبَ " (١).

ويقول ابن القيم عن هذه الفائدة العظيمة لذكر الله: "ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلًا وشرفًا" (٢).

وإذا أستشعر العبد هذا المعنى العظيم بقلبه زاد إقباله على كثرة ذكر الله؛ لأنه يريد الزيادة من هذا الشرف العظيم بذكر الله له في نفسه أو في الملأ الأعلى، وما يترتب عليه من خير عظيم جليل المقدار في الدنيا والآخرة.


(١) أخرجه أحمد (١٤/ ٢٩١ ط الرسالة) ح (٨٦٥٠)، وقال محقق المسند: "حديث صحيح".
(٢) الوابل الصيب - ط عطاءات العلم (١/ ٩٦).

<<  <   >  >>