وكان حبيب أبو محمد يخلو في بيته، ويقولُ: من لم تَقرَّ عينُه بكَ، فلا قرَّت عينُه، ومن لم يأنس بكَ، فلا أنِسَ.
وقال غزوان: إنِّي أصبتُ راحةَ قلبي في مُجالسة مَنْ لديه حاجتي.
وقال مسلم بنُ يسار: ما تلذَّذ المتلذِّذونَ بمثلِ الخَلْوة بمناجاةِ اللهِ ﷿.
وقال مسلم العابد: لولا الجماعة، ما خرجتُ من بابي أبدًا حتى أموت، وقال: ما يجدُ المطيعونَ لله لذَّةً في الدُّنيا أحلى من الخلوة بمناجاة سيِّدهم، ولا أحسب لهم في الآخرة مِنْ عظيم الثَّواب أكبرَ في صدورهم وألذَّ في قلوبهم مِنَ النَّظر إليه، ثم غُشي عليه.
وعن إبراهيم بن أدهم، قال: أعلى الدَّرجات أن تنقطعَ إلى ربِّك، وتستأنِسَ إليه بقلبك، وعقلك، وجميع جوارحك حتَّى لا ترجُو إلَّا ربَّك، ولا تخاف الَّا ذنبكَ، وترسخ محبته في قلبك حتَّى لا تُؤثِرَ عليها شيئًا، فإذا كنت كذلك لم تُبالِ في بَرٍّ كنت، أو في بحر، أو في سهلٍ، أو في جبلٍ، وكان شوقُك إلى لقاء الحبيب شوقَ الظَّمآن إلى الماء البارد، وشوقَ الجائعِ إلى الطَّعام الطيب، ويكونُ ذكر الله عندكَ أحلى مِنَ العسل، وأحلى من المَاء العذبِ الصَّافي عند العطشان في اليوم الصَّائف.
وقال معروف لرجلٍ: توكَّل على الله حتَّى يكونَ جليسَك وأنيسَك وموضعَ شكواكَ.
وقال ذو النون: مِنْ علامة المحبِّين لله أن لا يأنَسُوا بسواه، ولا يستوحشُوا معه، ثم قال: إذا سكنَ القلبَ حبُّ اللهِ تعالى، أَنِسَ بالله، لأنَّ الله تعالى أجلُّ في صُدورِ العارفين أنْ يُحبُّوا سواه" والى هنا انتهى المنقول من جامع العلوم والحكم (١).