للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ (١) قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطفِّفين: ١٤]» (٢).

فإذا غطت الذنوب القلب عمي عن رؤية الحق وانطمست بصيرته، كما قال تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦].

ثالثاً: وقد ورد في السنة ما يبين مكانة عمل القلب وأثره على صاحبه، ودونك إشارة لذلك:

أثر عمل القلب على صلاح الجسد أو فساده، ويدل عليه ما رواه النعمان بن بشير قال: قال : «أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ» (٣).

وفي الحديث إشارة -كما يقول ابن رجب : "إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه، واجتنابه المحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه، فإذا كان قلبه سليمًا، ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوقٍ للشبهات حذرًا من الوقوع في المحرمات.


(١) وفي أكثر روايات الحديث: "صُقِلَ" بالصاد، والسقل والصقل بمعنى واحد، أي: جلاه ونظفه وصفاه وذهب عنه أثر الذنب.
ينظر: الصحاح (٥/ ١٧٤٤) مادة (صقل)، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (٤/ ١٦٢٢)، تحفة الأحوذي (٩/ ١٧٨) للمباركفوري، دار الكتب العلمية بيروت.
(٢) أخرجه أحمد (١٣/ ٣٣٣) ح (٧٩٥٢)، والترمذي واللفظ له (٥/ ٤٣٤) ح (٣٣٣٤) وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وابن ماجه (٢/ ١٤١٨) ح (٤٢٤٤)، وابن حبان في صحيحه (٣/ ٢١٠) ح (٩٣٠)، الحاكم في مستدركه (٢/ ٥٦٢) ح (٣٩٠٨) وصححه ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ٢٧١) ح (١٦٢٠)، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند (١٣/ ٣٣٤) ح (٧٩٥٢): "إسناده قوي".
(٣) أخرجه البخاري (١/ ٢٠) ح (٥٢)، ومسلم (٣/ ١٢١٩) ح (١٥٩٩).

<<  <   >  >>