للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع عشر: الثبات حتى الممات وحسن الخاتمة.]

ومن أعظم أسباب الثبات الإكثار من ذكر الله تعالى ومنه الدعاء والتضرع، فقال تعالى في بيان ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال: ٤٥]، فرتب سبحانه الثبات عند مواجهة العدو على كثرة ذكر الله.

والثبات من الله عزوجل كما قال تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إبراهيم: ٢٧]

قال السعدي : "يخبر تعالى أنه يثبت عباده المؤمنين، أي: الذين قاموا بما عليهم من إيمان القلب التام الذي يستلزم أعمال الجوارح ويثمرها، فيثبتهم الله في الحياة الدنيا عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين، وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومراداتها.

وفي الآخرة عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي والخاتمة الحسنة، وفي القبر عند سؤال الملكين للجواب الصحيح، إذا قيل للميت: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ هداهم للجواب الصحيح بأن يقول المؤمن: الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد نبيي. ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾ عن الصواب في الدنيا والآخرة، وما ظلمهم الله ولكنهم ظلموا أنفسهم" (١).

وقال في موطن آخر: "وأصل الثبات: ثبات القلب وصبره، ويقينه عند ورود كل فتنة، فقال: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾، فأهل الإيمان أهدى الناس قلوبًا، وأثبتهم عند المزعجات والمقلقات، وذلك لما معهم من الإيمان" (٢).

ومما يبرز أهمية توفيق الله للعبد للثبات على الدين الحق إلى الممات والتوفيق لحسن الخاتمة تكرار الدعاء العظيم في كل ركعة من الصلاة لطلب الهداية من الله والثبات عليها، قال تعالى:


(١) تفسير السعدي (٤٢٥).
(٢) تفسير السعدي (٨٦٧).

<<  <   >  >>