[المبحث السابع: من آثار عدم تحقيق عمل القلب في الذكر والدعاء، وفيه تمهيد وعدة مطالب.]
[التمهيد]
كما سبق معنا مراراً ارتباط عبادة الذكر والدعاء بعمل القلب وبالأخص محبة الله والخوف منه ورجاؤه، ولهذا إذا حصل الخلل في هذه العبادات القلبية، أدى ذلك إلى الانحراف في هذه العبادة، وإليك بعض التفصيل في ذلك، في هذه المطالب:
المطلب الأول: الوقوع في الشرك (١).
إذا حصل خلل في العبادات القلبية من الحب والخوف والرجاء والتوكل ونحو ذلك انعكس أثرها على عمل الجوارح لأن القلب هو المحرك لها كما مر معنا مراراً حديث النعمان بن بشير ﵁ قال: قال ﷺ: «أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ».
فيقع في القلوب تعلق بغير الله في عبادة الدعاء التي هي من أعظم العبادات بنص الحديث «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ» ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠]، فيقع الإنسان في الشرك بدعاء غير الله والاستغاثة والاستعانة بغيره فيما لا يقدر عليه إلا الله كسؤال الأموات والغائبين من الجن والملائكة والاستغاثة بهم، وطلب كشف الضر منهم ويجعلونهم وسائط بينهم وبين الله في قضاء الحوائج.
ويدخل في ذلك طلب قضاء الحوائج من شخص حاضر مما لا يقدر عليه إلا الله، كسؤالهم غفران الذنوب، وهداية القلوب، وتفريج الكربات ونحوه، وسبق الكلام عن أن الدعاء حق خالص لله، فمن دعا غيره فقد وقع في الشرك.
(١) ومن أراد التوسع في هذا الموضوع العظيم فعليه بكتاب (شبهات المبتدعة في توحيد العباده) عرض ونقد رسالة علمية متينة للدكتور عبد الله الهذيل. تقع في ٣ مجلدات ط الرشد.