يقول الشنقيطي ﵀ في معنى التضرع:" (التضرع): التذلل والخضوع لله، وكثيراً ما يظهر أثر ذلك في الدعاء بأن يبتهل ذلك الذليل الخائف من الله يبتهل متضرعاً يناجي ربه (جل وعلا). و (الضارع): هو الذليل الخائف، و (الضراعة): الذل والخشوع والخوف"(١).
وعلى هذا فهناك ارتباط وثيق بين القلب والتضرع، فلا يكون العبد متضرعاً إلى ربه إذا كان القلب متوجهاً إلى الله ومتعلقاً به؛ لأن التضرع خضوع وتذلل لله في القلب يظهر أثره على الجوارح في شدة رفع اليدين والإلحاح على الله والإخلاص لله وسلامة القلب عند ذلك من التعلق بغير الله.
والله يحب من عباده أن يسمع تضرعهم ليرفع عنهم ما نزل بهم من بلاء، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ٤٢ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: ٤٢ - ٤٣].
ودونك هذه الأمثلة من القرآن العظيم لقوم هم أعداء لله ويعبدون غيره لكن في حالة الشدة تضرعوا إلى الله بإخلاص له، فاستجاب دعاءهم مع علمه سبحانه أنهم سيعودون إلى ما كانوا عليه؛ لكن لما حصل في الدعاء التضرع والإخلاص لم يرد الله دعوتهم، فكيف بك يا أخي
(١) العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (١/ ٢٤٦).