للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بد ومانعته وعارضته ولو لم يكن إلا أن تعلقها به يفزع عليه همته؛ فيضعف أثر الدعاء ومن له تجربة يعرف هذا فإذا أسر الدعاء أمن هذه المفسدة.

تاسعها: أن أعظم النعمة الإقبال والتعبد ولكل نعمة حاسد على قدرها دقت أو جلت، ولا نعمة أعظم من هذه النعمة، فإن أنفس الحاسدين متعلقة بها، وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد، وقد قال يعقوب ليوسف ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ [يوسف: ٥] الآية. وكم من صاحب قلب [مجتمع على الله]، وحال مع الله تعالى قد تحدث بها وأخبر بها، فسلبه إياها الأغيار [لحسدهم له]؛ ولهذا يوصي العارفون والشيوخ بحفظ السر مع الله تعالى ولا يطلع عليه أحد والقوم أعظم شيئاً كتماناً لأحوالهم مع الله ﷿، وما وهب الله من محبته والأنس به [واجتماع القلب عليه] " (١) إلى أخر كلامه .

وقد مر معنا قريباً كلام الحسن البصري في هذا المعنى الذي في آخر كلام شيخ الإسلام ونعيده هنا حيث يقول: "ولقد أدركنا أقواماً ما كان على الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في السر فيكون علانية أبداً، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله يقول: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ " (٢).

[١٠ - الاعتراف بالذنب، والاستغفار منه، والاعتراف بالنعمة، وشكر الله عليها.]

كما في حديث شداد بن أوس عَنِ النَّبِيِّ «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ. قَالَ: وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (١٥/ ١٥ - ١٨) مع بعض التصرف، حيث أضفت بعض التفسيرات القليلة، وجعلتها بين معكوفتين [].
(٢) تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر (١٠/ ٢٤٨).

<<  <   >  >>