للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا كله فقد جاءت السنة المطهرة بما يدل أبلغ دلالة على أن الدعاء من أكمل أنواع العبادة … " (١)، ثم ذكر ما يدل على ذلك من السنة.

إن الواجب على كل مسلم أن يدرك خطورة الأمر، وأن يعلم أن هذا حق خالص لله ﷿ لا يجوز أن يشرك معه فيه غيره، وكيف يشرك المخلوق الضعيف العاجز بالملك العظيم الذي بيده أزمة الأمور، المتفرد بإجابة الدعاء وكشف الكروب، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه، الذي ما تعلق به ضعيف إلا أفاده القوة، ولا ذليل إلا أناله العزة، ولا فقير إلا أعطاه الغنى، ولا مستوحش إلا آنسه، ولا مغلوب إلا أيده ونصره، ولا مضطر إلا كشف ضره، ولا شريد إلا آواه، فهو سبحانه الذي يجيب المضطرين، ويغيث الملهوفين، ويعطي السائلين، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، لا إله إلا هو الملك الحق المبين.

وقد أجمع أهل العلم على أن من صرف شيئاً من الدعاء لغير الله فهو مشرك بالله العظيم، ولو قال لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولو صلى وصام؛ إذ شرط الإسلام أن لا يعبد إلا الله، فليحذر من يريد لنفسه الفوز والسعادة من هذا الإثم المبين والخطر العظيم" (٢).

[٨ - عدم الدعاء على الأهل، والمال، والولد، والنفس.]

ومن الآداب المهمة: حرص الداعي على عدم الدعاء على أهله وولده، وماله، ونفسه، حين يحصل الغضب، فقد يستجاب له فيحصل له بذلك شقاء في نفسه أو ولده، فيتقطع قلبه حسرات على ما يحصل من آثار دعوته عليهم، وهذا يحصل بسبب عجلة الإنسان بسبب غضبه فيطلق الدعوات فيهلك نفسه، أو أهله أو ولده أو نحوه فيندم على ذلك ندماً عظيماً، قال تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾ [الإسراء: ١١]، وقال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: "يقول تعالى ذكره مذكراً عباده أياديه عندهم، ويدعو


(١) رسالة في وجوب توحيد الله ﷿، للشوكاني (ص: ٥٦ - ٥٨).
(٢) فقه الأدعية والأذكار (٢/ ٤٠ - ٤٣).

<<  <   >  >>