قال الشوكاني ﵀ في رسالة له في وجوب توحيد الله ﷿ بعد أن أورد طرفاً من هذه النصوص: " فهذه الآيات البينات دلت على أن الدعاء مطلوب لله ﷿ من عباده، وهذا القدر يكفي في إثبات كونه عبادة، فكيف إذا انضم إلى ذلك النهي عن دعاء غير الله سبحانه، قال الله ﷿: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدا﴾ [الجن: ١٨]، وقال تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ [الرعد: ١٤]، وقال سبحانه ناعياً على من يدعو غيره ضارباً له الأمثال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ [الأعراف: ١٩٤]، وقال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ﴾ [سبأ: ٢٢].
فكيف إذا صرح القرآن الكريم بأن الدعاء عبادة تصريحاً لا يبقى عنده ريب لمرتاب، قال الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر: ٦٠]، فقد طلب الله سبحانه من عباده في هذه الآية أن يدعوه، وجعل جزاء الدعاء له منهم الإجابة منه فقال: ﴿أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾، ولهذا جزمه لكونه جواباً للأمر، ثم توعدهم على الاستكبار عن هذه العبادة أعني الدعاء بما صرح به في آخر الآية وجعل العبادة مكان الدعاء تفسيرا له وإيضاحا لمعناه، وبيانا لعباده بأن هذا الأمر الذي طلبه منهم وأرشدهم إليه هو نوع من عبادته التي خص بها نفسه وخلق لها عباده كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]، ومع