للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَدَعُ الدُّعَاءَ» (١).

[٥ - حضور القلب في الدعاء.]

وهو من أعظم استجابة الدعاء، ومن أعظم آدابه، ويدل عليه الحديث السابق «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ».

"ولهذا فإن من الضوابط المهمة والشروط العظيمة التي لا بد من توفرها في الدعاء حضور قلب الداعي وعدم غفلته،؛ لأنه إذا دعا بقلب غافل لاه ضعفت قوة دعائه، وضعف أثره، وأصبح شأن الدعاء فيه بمنزلة القوس الرخو جداً، فإنه إذا كان كذلك خرج منه السهم خروجاً ضعيفاً، فيضعف بذلك أثره، ولهذا فإنه قد ورد عن النبي الحث على حضور القلب في الدعاء، والتحذير من الغفلة، والإخبار بأن عدم ذلك مانع من موانع قبوله" (٢).

[٦ - الدعاء في الرخاء والشدة.]

"فمن آداب الدعاء المهمة أن لا يقتصر المسلم على دعائه ربه في حال الشدة فقط، بل الواجب أن يدعو ربه في سرائه وضرائه، وشدته ورخائه، وصحته وسقمه، وفي أحواله كلها، وملازمة المسلم للدعاء حال الرخاء، ومواظبته عليه في حال السراء سبب عظيم لإجابة دعائه عند الشدائد والمصائب والكرب" (٣)، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ» (٤).


(١) أخرجه مسلم (٨/ ٨٧ ط التركية) ح (٢٧٣٥).
(٢) فقه الأدعية والأذكار (٢/ ١٥٠).
(٣) فقه الأدعية والأذكار (٢/ ١٦٦).
(٤) أخرجه الترمذي (٥/ ٤٦٢ ت شاكر) ح (٣٣٨٢)، وقال: "هذا حديث غريب"، ومسند أبي يعلى (١١/ ٢٨٤ ت حسين أسد) ح (٦٣٩٧)، والمستدرك على الصحيحين للحاكم - ط العلمية (١/ ٧٢٩) ح (١٩٩٧) وصححه وأقره الذهبي، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٢/ ١٠٧٨) ح (٦٢٩٠).

<<  <   >  >>