للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغائط، وحالة الجماع، فإنه يكره ذكر الله في هذه الحالات، والصحيح أن الكراهة كراهة تنزيه وليست كراهة تحريم، فلو ذكر الله في هذه الحالات، فلا إثم عليه (١)، والله أعلم.

وكثرة ذكر الله على كل الأحوال وفي كل الأحيان، لها أثرها على نفس المؤمن، فيجد من طمأنينة القلب والقوة والنشاط ما يعينه على القيام بعبادته خير قيام.

وذكر ابن القيم من فوائد الذكر: "أنه قُوتُ القلب والروح، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته.

وحضرتُ شيخ الاسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر، ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار، ثم التفت إليَّ وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغد الغداء سقطت قوتي، أو كلامًا قريبًا من هذا، وقال لي مرة: لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها؛ لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر، أو كلامًا هذا معناه" (٢).

والمؤمن المتعلق بالله تجده ذاكرًا لله بقلبه ولسانه في كل أحواله، قائمًا وقاعدًا وعلى جنبه، يجد فيه لذته، وطمأنينة قلبه، وما يعينه على أعباء طريقه إلى الله، ويجعله بإذن الله ثابتًا على مبدئه، صابرًا على ما يلقاه في ذات الله؛ لأنه يشعر بقرب الله منه ورعايته له وحفظه وحمايته، وكما في الحديث القدسي يقول الله تعالى: «وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي» (٣).

[المسألة الرابعة: كثرة دعاء الله والالتجاء إليه في جميع الأحوال]

ومن آثار تعلق القلب بالله: كثرة الدعاء والالتجاء إلى الله في جميع الأحوال، والمؤمن صاحب القلب الحي يدرك مكانة الدعاء وأثره على حياته وعلى عبادته، فقلبه موصول بالله، يشعر بقربه منه كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ


(١) ينظر: شرح النووي على مسلم (٤/ ٦٥، ٦٨).
(٢) الوابل الصيب (٤٢).
(٣) أخرجه البخاري (٩/ ١٢١) ح (٧٤٠٥)، ومسلم (٤/ ٢٠٦١) ح (٢٦٧٥).

<<  <   >  >>