للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأكرم وأنعم وأعظم بهذا الحكم العدل والطرفان المتنازعان راضيان بحكمه وإطاعته وتنفيذه ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥].

فما دام الخصمان راضيين بالحكم ونازلين على ما سيقرره ويحكم به ويطيعان الحكم وينفذانه، فليتقدم إذن الطرفان المتنازعان أمام الحكم العدل وليدل كل منهما بحجته وبرهانه.

أما نحن فقد سبق أن بينا في شرح التوسل المشروع ما ذكرناه ودللناه بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأعمال السلف الصالح من الصحابة والقرون الخيرة على مشروعية ذلك التوسل وحض الشارع الحكيم عليه وعلى العمل به والتقرب إلى الله تعالى على أساسه لم نجد بين طيات الوحيين الأزهرين كتاب الله وسنة رسوله ذكراً للتوسل الممنوع الذي يدعي الخصم حله وعده مشروعاً أيضاً، فلو كان مشروعاً حقيقة لذكره الشارع في زمرة ما ذكره وحض كذلك الناس عليه وليس معقولاً أن يهمله الله تعالى ولا يبلغه رسوله ولا يعمل به الصحابة والقرون الخيرة أيضلّ عنه صحابة رسول الله، ويهتدون هم إليه؟

إذن فعدم وجوده لا في كتاب ولا سنة دليل على عدم مشروعيته، وإذا لم تثبت مشروعيته فهو إذن ليس مشروعاً وبدهيّ إذا لم يكن مشروعاً أن يكون ممنوعاً وحراماً.

هذا دليل عام يشمل الأوجه الثلاثة للتوسل الممنوع على عدم مشروعيتها .. " (١).

[٢٠ - أن يكون المطعم، والمشرب، والملبس من حلال.]

ويعتبر هذا من أعظم موانع استجابة الدعاء كما نص على ذلك الحديث الذي سبق، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: ٥١]. وَقَالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا


(١) التوصل إلى حقيقة التوسل (ص ١٨٦ - ١٨٥).

<<  <   >  >>