للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: تزيين دعاة الباطل للأدعية المحدثة، واشغال اتباعهم بها عن الذكر الشرعي.]

وقد مر معنا الكلام على أنه ينبغي على المسلم أن يحرص على الأدعية الثابتة بنصوص الشرع، ولا يحيد عنها إلا إذا احتاج إلى دعاء خاص في رغبته وحينها لا بأس أن يدعو بمطلبه الخاص بأسلوبه الخاص؛ ولكن لا بد أن يراعي الضوابط الشرعية في ذلك الدعاء الذي ينشؤه من نفسه، وقد سبق الكلام عليها.

ولقد زين أهل الضلال ودعاة الباطل لاتباعهم بأن يلتزموا بأدعية محدثة ويواظبوا عليها كأنها جاء بها النص الشرعي، وهي أدعية لا تخلوا من المحاذير الشرعية، لأن الدعاء عبادة كما نعرف والعبادة لا تأخذ إلا من الكتاب والسنة، ومن تلك الأدعية ما يرتبه أصحاب الطرق الصوفية لاتباعهم من أوراد بدعية محدثة ليس عليها دليل من كتاب أو سنة، وإنما اخترعها من يسمونهم الأولياء، وصار الاتباع يلتزمون بها أكثر من الأوراد الشرعية التي جاء بها الكتاب والسنة، بل أنهم يهجرون لأجلها ما جاء به الكتاب والسنة رغبة عنه لما زين لهم أهل الباطل من أن تلك الأوراد أفضل مما ورد في الكتاب والسنة، والله المستعان.

وذلك لأن القلوب خلت من تعظيم كتاب الله وسنة نبيه ، وتعلقت بغير الله، وترتب على ذلك الكثير من الآثار السئية على أصحاب هذه الأوراد المحدثة، ومن ذلك:

يقول الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله: " وما من ريب أن هذه الأدعية المبتدعة لها نتائجها المؤسفة وآثارها السيئة على المسلم في عقيدته وأعماله التعبدية، وهي آثار كثيرة يطول حصرها، لكن قد أوجزها ولخصها الشيخ جيلان بن خضر العروسي في كتابه القيم: " الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية " (١)، في النقاط التالية:

أولاً: أن الأدعية المبتدعة لا تفي بالغرض المطلوب من العبادات من تزكية النفوس وتطهيرها من الرعونات، وتقريبها إلى باريها، وتعلقها بربها رجاء ورغبة ورهبة، فهي لا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ولا تهدي سبيلاً.


(١) ينظر: الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية (٥٩٢ - ٥٩٨).

<<  <   >  >>