للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السادس: الورع وأثره على عبادة الذكر والدعاء.]

أولًا: التعريف:

قال عنه شيخ الإسلام: "وأما الورع فإنه الامساك عما قد يضر، فتدخل فيه المحرمات والشبهات؛ لأنها قد تضر، فإنه من اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يواقعه" (١).

وقال ابن القيم في معناه: "يعني أن يتوقى الحرام والشبه، وما يخاف أن يضره أقصى ما يمكنه من التوقي" (٢).

وقال الجرجاني: "الورع هو: اجتناب الشبهات خوفًا من الوقوع في المحرمات" (٣).

ثانيًا: الورع في السنة:

ورد الورع في نصوص السنة، ومن ذلك:

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ -وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ-: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» (٤).

قال الخطابي : "هذا الحديث أصل في الورع وفيما يلزم الإنسان اجتنابه من الشبهة والريب" (٥).


(١) الزهد والورع والعبادة (٥٠) لابن تيمية.
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٢٥).
(٣) التعريفات (٢٥٢).
(٤) أخرجه البخاري (١/ ٢٠) ح (٥٢)، ومسلم واللفظ له (٣/ ١٢١٩) ح (١٥٩٩).
(٥) معالم السنن (٣/ ٥٦).

<<  <   >  >>