للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» (١). تجد المؤمن يعمل ويسعى في كل سبب يخلصه من الشر عند وقوع الفتن، فإن العبد -ولو بلغت به الحال ما بلغت- فليس على يقين من السلامة (٢).

ولذا يخاف المؤمن على قلبه من الزيغ، فهو دائم الدعاء بقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: ٨].

[المسألة السادسة: المسارعة والمسابقة إلى أسباب رضوان الله]

ومما يدل على تعلق القلب بالله المسارعة والمسابقة إلى أسباب مرضاة الله من الفرائض والنوافل، ولا شك أن العبد الذي يريد حياة قلبه لا بد أن يضرب في هذه الغنائم بسهم وافر ويجتهد في ذلك؛ ليكون هذا الزاد من أعظم الأسباب المعينة على القيام بمهمته في الحياة الدنيا والآخرة.

المسألة السابعة: كثرة تلاوة القرآن الكريم مع التدبُّر:

ومن العلامات الدالة على تعلق القلب بالله تعالى: كثرة تلاوة القرآن الكريم مع تدبره وحضور القلب والتأثر بآياته ونزولها إلى القلب، وهكذا الداعية صاحب القلب الحي يكون حاله مع القرآن الكريم كما قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٢٣]، وقال تعالى: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ [مريم: ٥٨]، وقال تعالى: ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ [الإسراء: ١٠٩].


(١) أخرجه أحمد (١٩/ ١٦٠) ح (١٢١٠٧)، والترمذي (٤/ ٤٤٨) ح (٢١٤٠) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وابن ماجه (٢/ ١٢٦٠) ح (٣٨٣٤)، حكم الألباني بصحته في مشكاة المصابيح (١/ ٣٧) ح (١٠٢)،، قال محقق المسند (١٩/ ١٦٠): "إسناده قوي على شرط مسلم".
(٢) ينظر: تفسير السعدي (٢٩٨).

<<  <   >  >>