للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٩].

ومكر الله هو بأسه ونقمته وقدرته عليهم، فيستدرجهم من حيث لا يعلمون، ويأخذهم في حال غفلتهم وسهوهم (١)، ولا يأمن ذلك إلا أهل الغفلة أصحاب القلوب المريضة، قال الحسن البصري : "المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن" (٢).

وقال أيضًا في مقارنة بين حال عباد الله المؤمنين وحال المنافقين، فذكر أن المؤمنين عملوا لله بالطاعات واجتهدوا فيها وخافوا أن ترد عليهم: "إن المؤمن جمع إيمانًا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنًا" (٣).

وقال السعدي عن قوله تعالى: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٩]: "وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن العبد لا ينبغي له أن يكون آمنًا على ما معه من الإيمان" (٤).

بل لا يزال خائفًا وجلًا أن يبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان، وأن لا يزال داعيًا أن يثبت قلبه على دينه إلى أن يلقاه غير مغير ولا مبدل، دائمًا يلهج بالدعاء الذي كان يكثر منه النبي ، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟! قَالَ: «نَعَمْ؛


(١) ينظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٤٥١) تفسير السعدي (٢٩٨).
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره (٣/ ٤٥١).
(٣) مدارج السالكين (١/ ٥٠٧)، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (٢/ ٥٤٥) للفيروزآبادي.
(٤) تفسير السعدي (٢٩٨).

<<  <   >  >>