للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَأْوِيلِهِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ٧]، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ، فَاحْذَرُوهُمْ» (١).

وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ» (٢).

كان من منهج السلف الحذر من مجالسة أهل البدع والأهواء والتحذير من ذلك أشد التحذير؛ لأن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة، من تعرض لها تعلقت بقلبه وأفسدته.

وقبل ذكر أمثلة من حياة السلف تبين شدة تحرزهم وتحذيرهم من أهل والأهواء، أود أن أقدم بهذا التنبيه المهم.

تنبيه مهم: وهذه المجالسة في زمننا لا يلزم منها حضور مجالسهم أو قراءة كتبهم؛ لأن مفهوم المجالسة تغير في زمننا بسبب ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي، ومتابعة نتاجهم الفكري الموجود على شبكة الإنترنت، أو المتابعة التي تتم من خلال البث الفضائي.

فيستطيع الواحد في هذا الزمن أن يجالس أهل البدع والأهواء ويرى ويسمع دروسهم وخطبهم ومحاضرتهم ويقرأ كتبهم وهو في بيته، وبينه وبينهم المسافات الشاسعة، وأضف إلى هذا ضعف العلم الشرعي وضعف التمسك بالدين عند المتلقين، وقدرة أصحاب الباطل على المحاجة وتلبيس الحق بالباطل؛ ولذا كان الخطر عظيمًا والخطب جليلًا، وحينها نعرف لماذا يحذر السلف من مجالسة أهل الأهواء، ويحرصون على عدم سماع كلامهم مع قوتهم العلمية، وتمكن


(١) أخرجه البخاري واللفظ له (٦/ ٣٤) ح (٤٥٤٧)، ومسلم (٤/ ٢٠٥٣) ح (٢٦٦٥).
(٢) أخرجه أحمد في المسند (١/ ٢٨٩) ح (١٤٣)، وابن حبان في صحيحه (١/ ٢٨١)، ح (٨٠)، وقال في مجمع الزوائد (١/ ١٨٧) ح (٨٨٦): "رواه البزار وأحمد وأبو يعلى، ورجاله موثقون"، وصححه الألباني في صحيح الجامع (١/ ١٠٧) ح (٢٣٩)، وقال محقق مسند أحمد (١/ ٢٨٩): "سنده قوي".

<<  <   >  >>