للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر: ٥ - ٦].

وفي هذا والله أعلم إشارة إلى خطر الاغترار بالدنيا فهي مركب الشيطان الذي يخدع به الناس، فيسهل عليه أن يستحوذ على قلوبهم فينسيهم ذكر الله، ويطبق على قلوبهم، فتصيبها الغفل، وتنسى الله والدار والآخرة، وتتعلق بالدنيا ويحدث من آثار ذلك ما ورد في قول النبي : " … وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ» الحديث (١).

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ في بيان خطر التعلق بالدنيا على الأمة: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا (٢)»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟! قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ (٣)، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ


(١) أخرجه الترمذي (٤/ ٦٤٢) ح (٢٤٦٥)، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١١/ ٢٦٦) ح (١١٦٩٠)، وذكره الألباني في السلسة الصحيحة (٢/ ٦٣٣) ح (٩٤٩)، وصححه في صحيح الجامع (٢/ ١١٠٩) ح (٦٥٠٥).
وأخرجه ابن ماجه (٢/ ١٣٧٥) ح (٤١٠٥) بلفظ: «مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» من حديث زيد بن ثابت ، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٢/ ٦٣٤) ح (٩٥٠)، وصححه شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه (٥/ ٢٢٧) ح (٤١٠٥).
(٢) الأَكَلَة: جمع آكِل والمراد من يأكل الطعام. ينظر: المفردات في غريب القرآن (٨١) لسان العرب (١١/ ١٩) مادة (أكل).
والقصعة: إناء الطعام الضخم الذي يشبع عشرة. ينظر: لسان العرب (٨/ ٢٧٤) مادة (قصع).
(٣) غثاء السيل: ما يحمله السيل من رغوة وورق الشجر ووسخ ومن فتات الأشياء التي يجدها في مجراه.
ينظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٣٤٣)، لسان العرب (١٥/ ١١٦)، المعجم الوسيط (٢/ ٦٤٥) مادة (غثا).

<<  <   >  >>