للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والآلة؛ وإنما الاعتماد إلى واهب النصر وحده، الذي نصرهم وهم أذلة في بدر حين قصدوه، ووجهوا القلوب متضرعة إليه.

قال تعالى: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ٢٥ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ [التوبة: ٢٥ - ٢٦].

وبعد أن تلقى أهل الإيمان درسًا فريدًا، وعلموا أن الكثرة ما أغنت ولا أجدت؛ شاء الله - سبحانه - أن يكمل لهم بقية الدرس ويريهم كيف ينزل النصر؟ وإذا أرادوه فمن أي باب يطرقونه؟ فهذا هو رسول الله يثبت في رجال معه، وينزل عن بغلته ويقول: "اللَّهُمَّ نَزِّلْ نَصْرَكَ" (١)، ويستنصر الله ويدعوه فينزل الله سكينته عليه وعلى المؤمنين، وينزل سبحانه جنودًا لم يروها، فيكون النصر المبين من الله، والذي صنعه الله لنبيه والمؤمنين حين دعوه وتضرعوا إليه وثبتوا على ذلك يدعون ويتضرعون، وهكذا نرى رسول الله يثبت ويدعو الله ويستنزله نصره حتى كان النصر من الله الموصوف في الآية: ﴿ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ [التوبة: ٢٦].

إن الضراعة والابتهال إلى الله بإنزال النصر لم تكن شأن النبي في حنين فقط، بل "كان إذا لقي عدوه، وقف ودعا واستنصر الله، وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله" (٢).

وهذا هو القرآن الكريم لا يكاد يذكر نصرًا وتمكينًا لدعوة الحق إلا ويذكر قبله أنه استنزل من خزائن مالك الملك بالضراعة والدعاء فهذا نبي الله نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام


(١) أخرجه مسلم (٥/ ١٦٨ ط التركية) ح (١٧٧٦).
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم (٣/ ١١٦).

<<  <   >  >>