للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: «مَا السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ فِي يَدِ اللَّهِ إِلَّا كَخَرْدَلَةٍ فِي يَدِ أَحَدِكُمْ» (١).

وقال الشيخ ابن عثيمين : " فالسموات السبع والأرضين السبع في كفه تعالى كخردلة في كف أحدكم، يعني: السموات السبع على عظمها والأرضين السبع مثلما لو وضع الإنسان في يده خردلة -وهي حبة الخردل التي بكبر حبة السمسم- وهذا أيضا تمثيل على سبيل التقريب، وإلا فالله تعالى أعظم وأجل، فكل المخلوقات بالنسبة له تعالى ليست بشيء" (٢).

فلو أن العبد عرف الله حق المعرفة وقدره حق قدره، ما صرف أي شيء من العبادات قل أو كثر لغيره لأن غير الله يقيناً مهما كانت منزلته عند الله، فإن المتفضل عليه بهذه المنزلة هو الله تعالى فأكرمه بالنبوة والرسالة أو بجعله من أوليائه الصالحين أو شرفه الله بأن خلقه من الملائكة المقربين فكل هؤلاء الذي تفضل عليهم بهذه الكرامة هو الله سبحانه، فكيف ينقل ما لله من حق التقدير إلى المخلوق الذي لا يملك ضراً ولا نفعاً لنفسه فضلاً لغيره، فهذا أكرم خلق الله، وأكرم من تفضل الله عليه بالرسالة والنبوة، وأكرمه بالمنزلة الرفيعة يقول عن نفسه : ﴿قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا﴾ [الإسراء: ٩٣].

وذكر الله تعالى عن رسوله قوله: ﴿قُل لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ١٨٨].

وأخبر الله تعالى عن رسوله في أكثر من آية أن يقول للناس: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾، وأخبر عن نفسه أنه لا يملك لأقرب الناس له شئياً، فكيف بالبعيد عنه، ومن تلك الآيات والأحاديث:


(١) تفسير الطبري ط هجر (٢٠/ ٢٤٦).
(٢) تفسير العثيمين لسورة سبأ (١٧١).

<<  <   >  >>