للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَا نَفْعًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكِ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا، إِنَّ لَكِ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبَلَالِهَا» (١).

وفي رواية أخرى يقول لقرابته: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّةُ، عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا» (٢).

ويقول عن نفسه: «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» (٣).

فإذا كان هذا حال الملائكة والأنبياء، فكيف بمن دونهم ممن يقال عنه أنه ولي صالح، فإذا عرف حق الله وقدره حق التقدير عرف قدر غيره، لكن الخلل العظيم وباب الشر المستطير ومفتاح الانحراف عن العقيدة الصحيحة، أن يجعل ما للخالق من حق للمخلوق الضعيف الذي لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، فضلاً أن يملك ذلك لغيره نعوذ بالله من الخذلان، ومن هذا الباب فتحت أبواب الشرك وتعلقت القلوب بغير الله وجعلت ما لله من حقوق لغيره، فوقعت في أعظم ظلم عرفته البشرية وهو الشرك الذي قال الله تعالى عنه: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣]، ونختم بقوله تعالى كما بدأنا بذلك: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: ٦٧].

وسيأتي مزيد بيان لهذا في العنصر الآتي:


(١) أخرجه الترمذي (٥/ ٣٣٨ ت شاكر) ح (٣١٨٥).
(٢) أخرجه النسائي (٦/ ٢٤٩) ح (٣٦٤٦).
(٣) أخرجه البخاري (٤/ ١٦٧ ط السلطانية) ح (٣٤٤٥).

<<  <   >  >>