للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ﴾ [المائدة: ١٠٤]، والآيات في هذا المعنى كثيرة في كتاب الله.

أما السنة فقد ورد فيها ما يدل على خطورة التقليد الأعمى، ومن ذلك:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ فَمَنْ؟» (١).

ومن أعظم الأمثلة على خطورة التعلق بما عليه الآباء والأجداد ما حصل مع عم النبي أبي طالب، فعَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: أَيْ عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ، حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ فَنَزَلَتْ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة: ١١٣]، وَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص: ٥٦]» (٢).

ويدخل في هذا التشبه بأمم الكفر وعلى رأسهم اليهود والنصارى كما سبق في الأحاديث، وقال في تحذير أمته من التشبه بالكافرين:


(١) أخرجه البخاري (٤/ ١٦٩ ط السلطانية) ح (٣٤٥٦)، ومسلم (٨/ ٥٧ ط التركية) ح (٢٦٦٩).
(٢) أخرجه البخاري (٥/ ٥٢ ط السلطانية) ح (٣٨٨٤).

<<  <   >  >>