للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة بعد الفتح. والمَخْلَصُ من هذا الإشكال: أن تفسير الجارية ببريرة مدرج في الحديث من بعض الرواة، ظنًا منه أنها هي (١). وهذا كثير مما يقع (٢) في الحديث من تفسير بعض الرواة، فيظن أنه من الحديث وهو نوعٌ غامض لا يتنبه (٣) له إلا الحذَّاق.

ومن نظائره ما وقع في الترمذي (٤) وغيره من حديث يونس بن أبي


(١) ربما أخذه المؤلف من ابن القيم في زاد المعاد ٣/ ٢٦٨ أو كلاهما من مصدر لم يذكراه. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٨/ (٤٧٥٠): وقد قيل إن تسميتها هنا وَهْمٌ .. ويمكن الجواب بأن تكون بريرة كانت تخدم عائشة وهي في رقِّ مواليها. وأما قصتها معها في مكاتبتها وغير ذلك فكان بعد ذلك بمدة أو أن اسم هذه الجارية المذكورة في قصة الإفك وافق اسم بريرة التي وقع لها التخيير وجزم البدر الزركشي فيما استدركته عائشة على الصحابة أن تسمية هذه الجارية ببريرة مدرجة من بعض الرواة وأنها جارية أخرى وأخذه من ابن القيم الحنبلي فإنه قال: تسميتها ببريرة وَهْمٌ من بعض الرواة، فإن عائشة إنما اشترت بريرة بعد الفتح، ولما كاتبتها عقب شرائها وعتقت خُيِّرتْ فاختارت نفسها فظن الراوي أن قول علي: "وسل الجارية تصدقك" أنها بريرة فغلط، قال: وهذا نوع غامض لا يتنبه له إلا الحذاق. قلت: وقد أجاب غيره بأنها كانت تخدم عائشة بالأجرة وهي في رقِّ مواليها قبل وقوع قصتها في المكاتبة، وهذا أولى من دعوى الإدراج، وتغليط الحفاظ.
(٢) كثير مما يقع، كذا في (ب).
(٣) في (أ) والمطبوعة: لا ينتبه وهو تحريف، أثبتناه من (ب).
(٤) أخرجه الترمذي في المناقب: باب ما جاء في بدء نبوة النبي (٣٦٢٠) وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال ابن القيم في "زاد المعاد" ١/ ٧٦ - ٧٧: ووقع في كتاب الترمذي وغيره أنه بعث معه بلالًا، وهو من الغلط الواضح، فإن بلالًا إذ ذاك لعله لم يكن موجودًا، وإن كان، فلم يكن مع عمه، ولا مع أبي بكر، وذكر البزار في مسنده هذا الحديث ولم يقل: وأرسل معه عمه بلالًا، ولكن قال: رجلًا. =