للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التاسعة والعشرون: أن أباها أفضلُ الناس بعد رسول الله . وقد سئل عن ذلك مالك فقال: وهل في ذلك شك؟

وقد صح عن علي بن أبي طالب ذلك أيضًا. أخرجه أبو ذر (١) في كتاب "السنة" له.

وأخرج البخاري في صحيحه (٢) عن محمد بن الحنفية قال: قلت لأبي: أيُّ الناسِ خير بعد رسول الله ؟ قال: أبو بكر، قلت: ثُمَّ مَنْ؟ قال: عمر، وخشيتُ أن يقول: عثمان؛ قلت: ثم أنت قال: ما أنا إلا رجلٌ من المسلمين.

وإنما وقع الخلاف في التفضيل بين علي وعثمان، وذهب قوم إلى تساويهما في الفضل (٣)، وحُكي عن مالك ويحيى بن سعيد القطان. وأما ما ذكره ابن عبد البر في كتاب "الصحابة" (٤): أن السلف اختلفوا في تفضيل أبي بكر وعلي، فقد غُلِّطَ في ذلك ووهِّم، لا سيما وثبت بأن من كان يعتقد ذلك من السلف أبو سعيد الخدري وهذا بعيد. وقد أخرج البخاري في "صحيحه" (٥) عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نخيِّر بين الناس الناس في زمان رسول الله فنُخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم نترك أصحاب رسول الله لا نُفاضِلُ بينهم. وقد


(١) هو الحافظ الإمام المجوّد، العلامة، شيخ الحرم، أبو ذر، عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غُفير بن محمد، المعروف ببلده بابن السمّاك، الأنصاري الخراساني الهروي المالكي، صاحب التصانيف، المتوفى سنة ٤٣٤ هـ. له ترجمة حافلة في "السير" ١٧/ (٣٧٠).
(٢) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي باب (٣٦٧١).
(٣) وقعت في (ب) وفي النسخة المطبوعة: الفضيلة، أثبتناه من (أ).
(٤) "يعني الاستيعاب" ٣/ ٥٢.
(٥) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي باب مناقب عثمان بن عفان (٣٦٩٨).