للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على مجرد التقاء الختانين، لبُعد ذلك. ولعل جميعَ ما ذكر عَن المهاجرين مِن الصحابة كابنِ عمر وعلي وغيرهم في قول كل واحد منهم: "إذا جاوز الخِتانُ الخِتانَ" نقلًا من كل منهم لما ذَكَرَتْهُ عائشةُ حاكيةً عن الفعل المذكور، لا عن القول. وكذلك قولُها لأبي سلَمة لما سألها: ما يوجبُ الغسل؟ فقالت: "يا أبا سلمة مَثَلُكَ مَثَلُ الفروجِ يسمعُ الديكَة تصرخ، فيصرخ معها، إذا جاوز الختانُ الختان، فقد وجبَ الغسل" (١) وإن لم يُحمل قولها على حكايةِ الفعل، وقولُ الصحابة على حكاية قولها، أدى إلى إلغائه بالكليةِ لثبوتِ الرواياتِ الصحيحةِ عنه في قوله: "إذا التقى الختانانِ، فقد وَجَبَ الغسلُ" ولمخالفة اشتراط المجاوزة لإجماع العلماء (٢). اهـ.

وقد تكلمتُ على علل هذا الحديث، ومتابعة غير عائشة على رواية هذا عن النَّبِيِّ غيرهَا من الصحابة في الثالث من باب الغسل من "الذهب الإبريز في تخريج أحاديث فتح العزيز".


(١) أخرجه مالك في الطهارة باب واجب الغسل إذا التقى الختانان برقم ٧٢، ص ٤٦ عن أبي سملة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: سألت عائشة زوج النَّبِيّ ، ما يوجب الغسل؟ فقالت: هل تدري ما مثلك يا أبا سلمة؟ مثل الفروج، يسمع الديكة تصرُخُ فيصرخ معها. إذا جاوز الختان الختان فقد رجب الغسل. وأخرجه البيهقي في "السنن" ١/ ١٦٦.
(٢) قال النووي في شرحه ٤/ ٣٦: اعلم أن الأمة مجتمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع وإن لم يكن معه إنزال وعلى وجوبه بالإنزال. وكان جماعة من الصحابة على أنه لا يجب إلا بالإنزال ثم رجع بعضهم وانعقد الإجماع بعد الآخرين. وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" ١/ ٢٢١: (والحديث) ورد بلفظ المجاوزة وبلفظ الملاقاة وبلفظ الملامسة وبلفظ الإلزاق، والمراد بالملاقاة المحاذاة قال القاضي أبو بكر: إذا غابت الحشفة في الفرج فقد وقعت الملاقاة. قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي حاكيًا عن ابن العربي: وليس المراد حقيقة اللمس ولا حقيقة الملاقاة وإنما هو من باب المجاز والكناية عن الشيء بما بينه وبينه ملابسة أو مقاربة وهو ظاهر.