للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج البيهقي في "سننه" (١) عن شُعيب قال: قال الزهري: أول من كشف الغُمّى عن الناس، وبيَّن لهم السنة في ذلك عائشة : فأخبرني عروة وعمرة أن عائشة قالت: "إن (٢) كنت لأفْتِلُ قلائدَ هدي النَّبِيّ فيبعث بهديه مقلَّدًا وهو مقيمٌ بالمدينة، ثم لا يجتنب شيئًا حتَّى ينحر هديه" فلما بلغ الناس قولَ عائشة هذا، أخذوا به وتركوا فتوى ابن عباس. قال البيهقي (٣): روى في روى في هذا المعنى مسروق والأسود عن عائشة.

فإن قيل: فقد روي عن جابر خلاف ذلك، قال الطحاوي في "معاني الآثار" (٤): حَدَّثَنَا ربيع المؤذن: حَدَّثَنَا أسد بن موسى حَدَّثَنَا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة عن عبد الملك بن جابر عن جابر بن عبد الله قال: كنتُ عند النَّبِيّ جالسًا، فقد قميصه من جيبه حتَّى أخرجه مِن رجليه، فنظر القومُ إلى النَّبِيّ فقال: "إني أمرت ببُدني التي بعثتُ بها أن تُقلد اليومَ وتُشعر على مكان كذا وكذا، فلبست قميصي ونسيت، فلم أكن لأُخرج قميصي مِن رأسي" (٥). وكان بعث ببُدنه وأقام بالمدينة. فالجواب أن هذا حديث ضعيف لا يُقاوم هذا الصحيح. قال البخاري (٦): "عبد الرحمن بن عطاء فيه نظر" وقال الطحاوي: "قد تواتر الآثار عن عائشةَ بما لم تتواتَرْ عن غيرها بما يُخالف حديث جابر، وحديثُ عائشة إسنادُه صحيح بلا خلاف بين أهل العلم، ومعه النظر والمعنى.


(١) في ٥/ ٢٣٤ ولفظه: أول من كشف العمى عن الناس وبين لهم السنة في ذلك عائشة زوج النَّبِيّ .
(٢) وقع في النسخة المطبوعة: إني وهو خطأ، أثبتناه من (أ) و (ب) والبيهقي.
(٣) في ٥/ ٢٣٤ من "السنن".
(٤) في "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٦٦.
(٥) وعند الطحاوي: من رأسي. في (أ) و (ب): ورائي وهو تحريف.
(٦) في "التاريخ الكبير" (٥/ ١٠٧٠).