للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروي أنه قال: "أخبرني بذلك أُسامةُ بنُ زيد" أخرجه النسائي في "سننه" (١) وقد صح رجوعه عن ذلك صريحًا كما سبق.

وأخرج البيهقي في "سننه" (٢) عن ابن أبي عَروبة عن قتادة عن ابن المسيّب: "أن أبا هريرة رجع عن قوله قبلَ موته" وروى مثله (٣) عن عطاء، ثم قال:

قال ابن المنذر (٤): أحسنُ ما سمعتُ في هذا أن يكونَ ذلك محمولًا على النسخ، وذلك أن الجماعَ كان في أول الإسلام محرمًا على الصائمِ في الليل بعدَ النوم، كالطعام والشراب، فلما أباح الله الجماعَ إلى طلوعِ الفجر، جاز للجنب إذا أصبح قبلَ أن يغتسل، أن يصومَ ذلك اليومِ لارتفاعِ الحَظْرِ، وكان أبو هريرة يُفتي بما سمعه مِن الفضل على الأمر الأول، ولم يعلم بالنسخ، فلما سمع خبر (٥) عائشة وأم سلمة صار إليه اهـ.


(١) أخرجه النسائي في الكبرى برقم (٢٩٣١ - ٢٩٣٢) أن عائشة أخبرته أن النَّبِيّ كان يخرج إلى الصبح ورأسه يقطر ماء نكاحًا من غير حلم ثم يصبح صائمًا فذكر ذلك عبد الرحمن لمروان بن الحكم فقال مروان: أقسمت عليك إلا ذهبت إلى أبي هريرة فحدثته هذا قال عبد الرحمن: غفر الله لك إنه لي صديق ولا أحب أن أردّ عليه قوله: وكان أبو هريرة يقول: من احتلم من الليل أو واقع ثم أدركه الصبح واغتسل فلا يصوم قال مروان: عزمت عليك إلا ذهبت فذهب عبد الرحمن فأخبره ذلك قال أبو هريرة: فهي أعلم برسول الله منا إنما كان أسامة بن زيد حدثني بذلك.
(٢) "السنن" ٤/ ٢١٥.
(٣) في (ب): سلمة وهو خطأ.
(٤) هو الإمام الحافظ العلامة، شيخ الإسلام، أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الفقيه، نزيل مكة وصاحب التصانيف كـ "الإشراف في اختلاف العلماء" وكتاب "الإجماع" وكتاب "المبسوط" وغير ذلك، المتوفى سنة ٣١٨ هـ. انظر لترجمته في "السير" (١٤/ ٢٧٥) و "تذكرة الحفاظ" ٣/ ٧٨٢ - ٧٨٣.
(٥) وقع في النسخة المطبوعة: من وهو تحريف، أثبتناه من (أ) و (ب) والبيهقي.