للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جاءَ الإنكار على وجه آخر: قال الإمام أحمد في "مسنده" (١): حَدَّثَنَا روح، حَدَّثَنَا سعيد، عن قتادة، عن أبي حسان أن رجلين دخلا على عائشة فقالا: "إن أبا هريرة يُحدث أن نبي الله كان يقول: "إنما الطِّيَرَةُ في المرأةِ والدابةِ والدار. قال فطار شِقّة منها في السماء وشِقّة منها في الأرض (٢) وقالت: "والذي أنزلَ القرآنَ على أبي القاسم ما هكذا كان يقولُ، ولكن كان نبيُّ الله يقول: كان أهلُ الجاهلية يقولون: الطِّيَرَةُ في المرأةِ والدَّابةِ والدارِ.


= ابن مالك وأبي هند الداري وواثلة بن الأسقع وأم الدرداء الصغرى .. وقال: حدثني أبي قال: سمعت أبا مسهر الدمشقي وسألت هل سمع مكحول من أصحاب النَّبِيّ فقال سمع من أنس .. فقلت: فواثلة بن الأسقع؟ فقال: من [رواه]؟ فقلت: حَدَّثَنَا أبو صالح كاتب الليث قال: حدثني - معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة بن الأسقع، فكأنه أومأ برأسه، كأنه قبل ذلك]. وأخرج الترمذي في صفة القيامة باب لا تظهر الشماتة لأخيك (٢٥٠٦) عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحَمه الله ويبتليك. ثم قال: هذا حديث حسن غريب. ومكحول قد سمع من واثلة بن الأسقع وأنس بن مالك وأبي هند الداري ويقال إنه لم يسمع من أحدٍ من أصحاب النَّبِيّ إلا من هؤلاء الثلاثة ..
(١) أخرجه أحمد في "المسند" (٢٦٠٨٨). إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو حسان - وهو الأعرج -. من رجاله، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. روح: هو ابن عبادة، وقد سمع من سعيد - وهو ابن أبي عروبة - قبل الاختلاط. انظر تمام تخريجه في "المسند" (٢٦٠٣٤).
(٢) قال السندي: قوله: فطارت شقة، بكسر فتشديد، أي قطعة، وهذا مبالغة في الغضب والغيظ، يقال: قد انشق فلان من الغيظ: كأنه امتلأ باطنه به حتَّى انشقّ، ولعل هذا الغضب ليس لتكذيب أبي هريرة فيما روى، بل لبيان أنه قاله إخبارًا عما كان الأمر عليه في الجاهلية، بمعنى أن الطيرة كانت في الجاهلية في هذه الأمور، فروى أبو هريرة على وجه يوهم أن هذا الأمر حق، وهذا خطأ منه في التأويل، فغضبت لذلك والله تعالى أعلم. انظر في التعليق على (٢٥١٦٨) في المسند.