للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قرأت عائشة ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ [الحديد: ٢٢] وأبو حسان اسمُه: مسلم الأحرد (١) يروي عن ابن عباس وعائشة.

قال بعض الأئمة: وروايةُ عائشة في هذا أشبهُ بالصوابِ إن شاء الله لموافقته نهيه عن الطِّيرة نهيًا عامًا، وكراهتِها وترغيبهِ في تركها بقوله: "يَدْخُلُ الجنةَ سبعون ألفًا بغيرِ حساب وهُم الذين لا يكتوون ولا يسْتَرقون، وعلى رَبِّهم يتوكلون" (٢) واستدراكها على أبي هريرة في هذا مِن جنس استدراكها على ابن عمر في البكاء على الميت، بمعنى أن ذلك كان في واقعةٍ خاصة لا على العمومِ.

فإن قيل: فإن غيرَها من الصحابة يروي الإثبات وعائشة نافية، والإثباتُ مقدم على النفي، ولهذا قال ابن عبد البر بعد هذا: "وأهل العلم لا يرون الإنكارَ علمًا، ولا النفي شهادةً ولا خبرًا". وقد أخرجه البخاريُّ (٣) ومسلم (٤) من حديث ابن عمر بألفاظ، ومنها: أن رسولَ الله قال: "لا عدوي ولا طِيَرَة، وإنما الشؤمُ في ثلاثةٍ (٥): المرأة والفرس والدار".


(١) وقع في النسخة المطبوعة: الأجرد وهو تحريف، أثبتنا من (أ) و (ب). وهو أبو حسان الأعرج الأحرد، البصري، مشهور بكنيته واسمه: مسلم بن عبد الله. انظر: "تحرير تقريب التهذيب" (٤/ ٨٠٤٦).
(٢) قد ثبت الحديث بهذا المعنى من طرق مختلفة كما يلي:
عن عمران بن الحصين: أخرجه البخاري (٥٧٠٥)، ومسلم (٥٢٤ - ٥٢٥)، وأحمد (١٩٩١٣، ١٩٩٦٦، ١٩٩٨٤)، وعن ابن عباس أخرجه البخاري (٥٧٥٢، ٦٤٧٢، ٦٥٤١)، ومسلم (٥٢٧)، والترمذي (٢٤٤٦)، وأحمد (٢٩٥٢) و (٢٤٤٨)، وعن ابن مسعود: أخرجه أحمد (٣٨٠٦، ٣٨١٩، ٤٣٣٩).
(٣) أخرجه البخاري في الطب باب الطيرة (٥٧٥٣).
(٤) أخرجه مسلم في السلام باب الطيرة والفأل، وما يكون فيه الشؤم (٥٨٠٤ - ٥٨٠٥).
(٥) وقع في (ب): في كما في رواية البخاري المذكورة. وهو لا يوجد في (أ) ولا في رواية مسلم.