للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن قيس، قال: سئل أبو هريرة: "هل سمعتَ مِن رسول الله : الطِّيرَةُ في ثلاثٍ في المسكنِ والفرسِ والمرأةِ؟ " قال: "قلت: إذا (١) أقولُ على رسول الله ما لم يَقُلْ، ولكن سمعتُ رسولُ الله يقول: "أصدقُ الطِّيرَةِ الفألُ، والعينُ حقٌّ" (٢).

وأما ابن الجوزي في "المشكل" فأنكر على عائشة هذا الردَّ، وقال: "الخبرُ رواه جماعة ثقات، فلا يُعتمد على ردها". والصحيح أن المعنى: إن خيف من شيء أن يكون سببًا لما يخاف شره ويتشاءَم به، فهذه الأشياءُ، لا على السبيل التي تظنها الجاهلية مِن العدوى والطِّيرة، وإنما القَدَرُ يجعل للأسباب تأثيرًا.

وقال الخطابي (٣): "لما كان الإنسانُ في غالب أحوالهِ لا يستغني عن دارٍ يسكنها وزوجة يعاشرها، وفَرَسٍ يرتبِطُه، وكان لا يخلو مِن عارض مكروه، أضيف اليُمْنُ والشؤم إلى هذه الأشياء إضافة محلٍ وظرفٍ، وإن كانا صادرين عن قضاءِ الله". قال: وقد قيل: "إن شؤم المرأة ألَّا تَلِدَ، وشؤمَ الفرس ألَّا يُحْمَلَ عليها في سبيلِ الله، وشؤمَ الدَّارِ سوءُ الجوار" (٤).


(١) في النسخة المطبوعة: فكنت وهو تحريف، أثبتناه من (أ) و (ب).
(٢) انظر أيضًا: ما أخرجه البخاري في الطب باب الطيرة (٥٧٥٤) وباب الفأل (٥٧٥٥ - ٥٧٥٦) ومسلم في السلام باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم (٥٧٩٨ - ٥٨٠٣).
(٣) في معالم السنن ٤/ ٢١٨ قال الخطابي: وأما قوله: إن تكن الطيرة في شيء ففي المرأة والفرس والدار، فإن معناه إبطال مذهبهم في الطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوها، إلا أنه يقول إن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس لا يعجبه ارتباطه فليفارقها بأن ينتقل عن الدار ويبيع الفرس، وكان محلّ هذا الكلام محلّ استثناء الشيء من غير جنسه وسبيله سبيل الخروج من كلام إلى غيره وقد قيل إن شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها وشؤم المرأة أن لا تلد. انظر الجامع لمعمر بن راشد (١٠/ ١٩٥٢٧).
(٤) قد نقله المؤلف قول ابن الجوزي وقول الخطابي من "كشف المشكل" لابن الجوزي ٢/ ٢٦٨.