للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بعضُهم يُنكر على من يكثر الرواية لأن الإكثار كانَ مَظِنةَ الوهم عندهم، كما ينكرون أحيانًا فيكذبون بعضهم بسبب رواياتهم، إلا أنهم كانوا يفعلون ذلك للاحتياط في ضبط الحديث، لا للاتهام بالكذب على رسول الله أو سوء الظن به.

وكانوا يتفاوتون في الحمل والأداء، والحفظِ والذاكرة، كما يختلفون في الرواية والدراية كأي واحدٍ من البشر. وكان بعضهم يخطئ في السماع والحفظ كما يخطئ في الضبط والنقل، وكان بعضهم أفقهَ وأتقنَ وأدرك مِن بعضهم، ويستدرك أو يصحح أخطاء الآخرين.

وفي بعض الأحيان كان يُراجع بعضُهم بعضًا فيما يرويه، إما للتثبت والتأكد لأن الإنسانَ قد ينسى أو يسهو، أو يغلط عن غير قصد، وإما لأنه ثبت عنده ما يُخالفه أو ما يُخصصه أو يقيده، أو لأنه يري مخالفتَه لِظاهر القرآن أو لظاهر ما حفظه من سنة إلى غير ذلك.

"وقد يقع للصحابيِّ أن يسمع من صحابي آخر حديثًا عن النبي فيتوقفُ فيه، حيث لا يراه منسجمًا ما فهمه من معاني القرآن الكريم، وما سمعه هو من فم النبي وهنا إما أن يتوقف الصحابي في الرواية مُجرَّدَ توقف، وإما أن يُنكرها إطلاقًا، حملًا لها على سهو النقل وخطئه ووهمه.

وحيث لا يُوجد بين الصحابي وبين الرسول الأكرم سلسلة إسناد، بل الواسطة هي واحد من الصحابة غالبًا فقط، فإن الوهمَ إن كان، فإنما هو مِن هذا الراوي الصحابي، وإنما يقع له الوهمُ غالبًا لأحد الأسباب التالية:

- أن يُحدِّث بما سمعه من النبي ولا يَدْري أنه منسوخ.