للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- هـ -

عليها وينوِّهون بشأنِ الذي تولى خدمَتها وتحقيقَها، وقد تخرّج بي في هذه الفترة بهذا الفن غيرُ واحد من طلاب العلم النُّبَهاء، الذين تتلمذوا عليّ عشرات السنين، وأصبح لهم شأن يُذْكَر في هذا الفنّ، ودَرَجُوا فيه، وصَدَرَتْ لهم تحقيقاتٌ مُميزة.

وقد كنتُ اطلعتُ في هذه الحِقبة على كتابِ "مستدركات عائشة على الصحابة" هذا، وقد جَمَع فيه مؤلفُه الإمامُ بدرُ الدين الزركشيُّ أحاديثَ السيدة عائشةَ التي انتَقدتْ فيها غيرَ واحد من الصحابة بعضَ مروياتهم التي أخطؤوا فيها - في نظرها - وقد فرحتُ بهذا الكتاب فرحًا شديدًا، لأنَّه يُصادِفُ هوىً في نفسي، ورغبةً أكيدةً في معرفة النقد النصّي الذي لم يُعْنَ به إلا القِلَّةُ القليلة مِن الحفاظ، لكن هالَني ما رأيتُ في لهذه الطبعة من كثرة التحريفاتِ والأخطاءِ التي وَقَعَتْ لِمحققه الأستاذُ سعيد الأفغاني ، ولم أكن أتوقعُ صدورَ مثلِ ذلك منه، لِما أَعْلَمُهُ فِيهِ مِن تَمَكُّنٍ بالعربيةِ، وخِبرة بأساليبها، فأخذتُ أُدَوِّنُ على هوامش نسختي الأخطاءَ التي وقعتْ له فيه، وكانت تزيدُ يومًا بعدَ يوم، ثم رجعتُ إلى النسخةِ التي طُبعَ عنها الكتابُ، وهي مِن مخطوطات المكتبةِ الظاهريةِ بدمشق - حَرَسَها اللهُ - فقابلتُ المطبوعَ بالأصل الخطِّي، فكانت الأخطاء التي استدركتُها عليه تأتي على الصَّواب في الأصل الخطّي الذي اعتمده، واتجهتْ نيتي إذ ذاك أن أقومَ بإعادة تحقيقهِ ونشره، ولكنْ حالَ دون ذلك ما أعاقني عن متابعة عملي فيه.

ومذ سنةٍ مِن تاريخ هذه الكتابة علمتُ أن أستاذًا في جامعة أنقرة في كلية الإلهيات في قسم الحديثِ وهو الدكتورُ محمد بنيامين أرول قد ظَفِرَ بنسخةٍ خطيةٍ أخرى للكتاب في إستنبول، وكان قد نَشَر الكِتابَ باللغة التركية، فشجعتُه عَنْ طريقِ المراسلَةِ على تحقيقهِ ونشرِه بالعربية،

<<  <  ج: ص:  >  >>