للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليهودَ، يقولون: الشؤم في ثلاثة: في الدار والمرأة والفرس"، فَسَمِعَ آخرَ الحديثِ ولم يسمع أوله.

وفي رواية عن أبي هريرة يُحدث أن نبي الله يقول: "إنما الطِّيَرَةُ في المرأة والدابة والدار". فطارت شِقَّة منها في السماء وشِقَّةٌ منها في الأرضِ، وقالت: والذي أنزلَ القرآن على أبي القاسم ما هكذا يقول، ولكن كان نبي الله يقول: كان أهلُ الجاهلية يقولون: الطِّيَرَةُ في المرأةِ والدابَّةِ والدارِ، ثم قرأت عائشة: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ [الحديد: ٢٢]. فأنكر ابن الجوزي في "المشكل" على عائشة هذا الرد وقال: "الخبر رواه جماعة ثقات فلا يعتمد على ردها" (١).

وقال معمرُ بنُ راشد: "سمعتُ مَنْ يفسر هذا الحديثَ يقولُ: شؤمُ المرأة: إذا كانت غيرَ ولود، وشؤم الفَرَسِ: إذا لم يغز عليه في سبيل الله، وشؤمُ الدارِ: جارُ السوء" (٢).

وقد ذهب الخطابيُّ إلى جهة التأويل وقال: "لما كان الإنسان في غالب أحواله لا يستغني عن دار يسكنها، وزوجة يُعاشرها، وفرس يرتبطه، وكان لا يخلو مِن عارض مكروه، أضيفَ اليُمن والشؤم إلى هذه الأشياء إضافةَ محل وظرف، وإن كانا صادرين عن قضاء الله" (٣).

وقال ابن حجر بعدما ذكر استدراك عائشة: "ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقة من ذكرنا مِن الصحابة له في ذلك، وقد تأوله


(١) انظر: استدراكها على أبي هريرة، (الحديث الثاني) من الإجابة.
(٢) الجامع لمعمر بن راشد، ١٠/ (١٩٥٢٨) ضمن مصنف عبد الرزاق.
(٣) هذا ما نقله الزركشي في الإجابة، ووقع تأويله بألفاظ قريبة منه في معالم السنن للخطابي ٤/ ٢١٨.