للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثال لهذا اعتراض ابن خزيمة عليها في إنكارها على رواية ابن عباس في الرؤية وتابعه النووي وقال: "إن عائشة لم تخبر أنها سمعت النبي يقول: "لم أرَ ربي" وإنما ذكرت ما ذكرت متأولة لقول الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا﴾ [الشورى: ٥١] ولقول الله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣].

ثم إن ابن عباس أثبت شيئًا نفاه غيره، والمثبت مقدم على النافي، فالحاصل أن الراجح عند أكثر العلماء أن رسول الله رأى ربَّه بعيني رأسه ليلة الإسراء لحديث ابن عباس وغيره. ثم أن عائشة لم تنفِ الرؤية بحديث عن رسول الله ولو كان معها فيه حديث لذكرته، وإنما اعتمدت الاستنباط من الآيات (١).

قال الزركشي في الإجابة: ونقل عن ابن خزيمة أنه قال في كتاب التوحيد له: "إنه خاطب عائشة على قدر عقلها ثم أخذ يحاول تخطئتها، وليس كما قال، فقد جاء عن غيرها ذلك مرفوعًا إلى النبي منهم ابن مسعود. وقد بسط الزركشي الكلام في هذا الموضوع ونقل المناقشات فيه كما سيرى القارئ الكريم (٢).

والمثال الثاني لهذا إنكار ابن الجوزي على عائشة في رَدِّها على رواية أبي هُريرة: "الشؤمُ في ثلاثةٍ: في الدارِ والمرأةِ والفَرَسِ". فقالت عائشة: لم يحفظ أبو هريرة، إنه دخلَ ورسولُ الله يقول: "قاتل الله


(١) شرح مسلم للنووي ٣/ ٥ - ٦.
(٢) انظر: استدراكها على ابن عباس (الحديث الثالث) من الإجابة. انظر أيضًا: فتح الباري لابن حجر ٨/ (٤٨٥٥).