للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحافظ ابن حجر: "ومن الغريب أن في المغازي لابنِ إسحاق رواية يونس بن بكير بإسناد جيد عن عائشة مثل هذا الحديث وفيه "ما أنتم بأسمعَ لما أقول منهم" أخرجه أحمد بإسناد حسن، فإن كان محفوظًا فكأنها رَجَعَتْ عن الإنكارِ، لِما ثبت عندها من رواية هؤلاء الصحابة لكونها لم تشهد القصة" (١).

قلت: والذي عند أحمد: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة عن إبراهيم عن عائشة، ولفظها: فقال: "ما أنتم بأفهم لقولي منهم، أو لَهُمْ أفهمُ لقولي منكم"، وإسناده ضعيف لانقطاعه (٢).

وأما رواية ابن إسحاق فلفظها:. . . فقال لهم: "لقد علموا أن ما وعدهم رَبُّهم حقٌّ". قالت عائشة: "والناس يقولون: لقد سمعوا ما قلتُ لهم" وإنما قال رسول الله : "لقد عَلِموا" (٣). ونقلها عنه الإمام أحمد في مسنده بهذا اللفظ (٤).

وقال الإسماعيلي: كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرةِ الرواية، والغوصِ على غوامض العلم ما لا مزيدَ عليه، لكن لا سبيلَ إلى رد رواية الثقة إلا بنصٍّ مثلهِ يدل على نسخه أو تَخصيصه أو استحالته، فكيف والجمعُ بين الذي أنكرتْه وأثبتَه غيرُها ممكن" (٥).

وهناك أمثلة أخرى اعترض بعضُ العلماء على عائشة رغم أنها قد أصابت في استدراكها على ما رأينا.


(١) فتح الباري، لابن حجر ٧/ (٣٩٧٩ - ٣٩٨١) بالاختصار.
(٢) المسند (٢٥٣٧٢).
(٣) السيرة النبوية لابن هشام ١/ ٦٣٨ - ٦٣٩.
(٤) المسند، (٢٦٣٦١) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
(٥) نقله ابن حجر في الفتح ٧/ (١٣٩٢ - ٣٨١).