للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى حديث "ما أنتم بأسمعَ لما أقولُ منهم" في قصة القَلِيب التي رواها الشيخان وغيرهما. وإنكارها لسماع الموتى هو من جنس إنكارها لغيره من الأمور التي لم يتقدم لها به علم، وهي مجتهدة وقد تُصيب، وقد تخطئ (١).

فكما تلحظ فإن جملة (إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق) غير ثابتة من رواية الصحابة الذين شهدوا الواقعة، وسمعوا من لفظ النبي مباشرة، إنما هو من رواية عائشة، والظاهر أنه من اجتهادها في فهم ما قاله النبيُّ ولهذا احتجت بالقرآن، ولم تذكر أنها سمعت مِن النبي مباشرة، وظنت أن الصحابي الذي روى الحديثَ قد أخطأ في سماع الحديث فاستدركت عليه، وفاتها أن الحديث رواه أيضًا أبو طلحة وعُمر وابنُ مسعود وعبدُ الله بن سيدان، وكلهم ممن شهد الواقعة" (٢).

وقد اعترض السهيليُّ على استدراك عائشة وعرضها هذا الحديث على القُرآنِ مِن وجوه وقال:

١ - "عائشة لم تحضر، وغيرها ممن حضر أحفظُ لِلفظ النبي .

٢ - إذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين جازَ أن يكونوا سامعين.

٣ - إن الله تعالى جعل الكفارَ أمواتًا وصُمًّا على جهة التشبيه بالأموات وبالصم في هذه الآية، فلا تعلق لها في الآية" (٣).


(١) سماع الميت في ضوء الكتاب والسنة، للدكتور ياسر أحمد الشمالي، مجلة دراسات علوم الشريعة والقانون، المجلد: ٢٤، العدد: ٢، سنة،١٩٩٧، ص ٢٣٢ - ٢٣٣.
(٢) جمع المفترق من الحديث النبوي، للمؤلف السابق، ص ٩١، دار الفرقان، عمان - ١٩٩٩.
(٣) الروض الأنف، للسهيلي ٥/ ١٧٤ - ١٧٦.