للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجهه، فهذه ميزة فيها، وممارستها لهذا بين يدي النبيِّ وتلقيها التوجيه والتصحيح منه، يُعطيها القوةَ العلمية، ويُربي فيها الملكة الفكرية" (١).

وقد جمع الزركشي عِدةَ أمثلة في كتابه هذا لِعرض أم المؤمنين في روايات سمعتها مِن الصحابة والتابعين على القرآن. على ما سيرى القُرَّاءُ الكِرام أنها قد أصابت في أكثر انتقاداتها كُلَّ الإصابة.

غير أن هناك بعض الأمثلة الأخرى مِن استدراكاتها على الصحابة قد اعترض عليها بعضُ العلماء بأنها هي وهمت فيها، ولم تصب في العرض على القرآن.

خذ مثلًا ما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال: اطلع النبي على أهلِ القَلِيب، فقال: "وجدتم ما وَعَد ربكم حقًّا؟ " فقيل له: أتدعو أمواتًا؟ فقال: "ما أنتم بأسمعَ منهم ولكن لا يُجيبون" (٢).

وأخرج البخاري بعدها عن عائشة قالت: إنما قال النبي : "إنهم ليعلمون الآن أنَّ ما كنت أقول لهم حق. وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ [النمل: ٨٠] (٣).

وقد خالفها الجمهورُ في ذلك، وقبلوا حديثَ ابن عمر لموافقة من رواه غيره عليه (٤). فقد بَيَّنَ العلماءُ أنها غيرُ مصيبة في استدراكها على من


(١) منهج نقد المتن للإدلبي، ص ١٠٨ - ١٠٩.
(٢) أخرجه البخاري (١٣٧٠) و (٤٠٢٦).
(٣) أخرجه البخاري (١٣٧١) و (٣٩٧٩ - ٣٩٨١).
(٤) فتح الباري لابن حجر ٣/ (١٣٧٠)، وانظر أيضًا: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، ص ١٠١ - ١٠٤.