للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علمًا بأن حديثَ عائشة هذا ضعيف فلم تثبت هذه الزيادة في الصحاح والسنن، وهذا يؤيد أن النبي لم يقله، وإنما قالته أمُّ المؤمنين عائشة بالتأويل فقط.

ومثال ثان لهذا رَدُّهَا على عمر وابن عمر لحديثهما عن عذاب الميت ببكاء أهله عليه فقالت تارة: "إنما مرَّ رسولُ الله على يهودية يبكي عليها أهلُها فقال: "إنهم يبكون عليها، وإنها لتُعذَّبُ في قبرها" (١). وتارة أخرى قالت: "يَرْحَمُ الله عمر، والله ما حَدَّثَ رسولُ الله أن الله يعذِّبُ المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله قال: "إن الله ليزيدُ الكافرَ عذابًا ببكاءِ أهله عليه"، وقالت: "حَسْبُكُمُ القرآنُ: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤] (٢) ". وفي رواية عند مسلم: "وَهَلَ (ابن عمر)، إنما قال رسولُ الله : إنه ليُعذَّبُ بخطيئته أو بذنبه، وإن أهله ليبكُون عليه الآن" (٣).

"وهذه التأويلات عن عائشة متخالفة، وفيه إشعار بأنها لم تردَّ الحديثَ بحديثٍ آخر، بل بما استشعرته من معارضة القرآن" كما قال ابن حجر (٤).

وقال القرطبي: إنكارُ عائشة ذلك وحكمها على الراوي بالتخطئة أو النسيان، أو على أنه سمع بعضها ولم يسمع بعضًا بعيدٌ، لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون وهم جازمون، فلا وجه للنفي مع إمكان حمله على محمل صحيح (٥).


(١) أخرجه البخاري (١٢٨٩) ومسلم (٢١٥٣) و (٢١٥٤).
(٢) أخرجه البخاري (١٢٨٨) ومسلم (٢١٤٩ - ٢١٥٠).
(٣) أخرجه مسلم (٢١٥٤).
(٤) فتح الباري لابن حجر، ٣/ (١٢٨٨ - ١٢٨٩).
(٥) الموضع نفسه.