للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: ما ليس من القرآن لا حصر له حتى ينفى، وإنما الحاجة إلى إثبات المنحصر، وهو القرآن. قال أبو حامد: قلنا: هذا صحيح، لو لم تكتب التسمية بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع كونه كان لا يكتب إلا ما هو قرآن، فلا يظن به أنه لم يعلم أنه توهم، ولا جوز السكوت على الوهم.

فإذا قال القاضي: لو كانت من القرآن، لبين ذلك بيانا شافيا، قاطعا للشك والاحتمال. ونحن نقول: لو لم تكن من القرآن، لبين ذلك بيانا شافيا، قاطعا للشك والاحتمال، فتوازى الكلام من الجانبين. والآمر بالكتابة بخط القرآن، فإنه كان لا يكرر مع كل كلمة أنها من القرآن، بل كان جلوسه للإملاء والكتابة بين يديه، مع الاقتصار على كتابة القرآن، يرشد إلى المقصود، ويغني عن التعبير، مقتضٍ لكونها من القرآن، ولكن لما كانت التسمية أمر بها في ابتداء كل أمر خطير، ظن أن ذلك كتب على طريق التبرك. وهذا الظن خطأ، ولهذا قال ابن عباس: (سرق الشيطان من الناس آية من القرآن). ولم ينكر عليه.

فإن قيل: فبعد حدوث الوهم والظن، صارت المسألة اجتهادية، وخرجت عن مظنة القطع، فكيف يثبت القرآن بالاجتهاد؟ قلنا: جوز القاضي الخلاف في عدد الآيات من القرآن ومقاديرها، وأقر بأن ذلك منوط باجتهاد القراء، وأنه لم يبين بيانا شافيا، قاطعا للشك.

والتسمية [بعض] آية من القرآن في سورة النمل، فهي مقطوع بكونها من القرآن، وإنما الخلاف في أنها من القرآن مرة واحدة، أو مرات كثيرة؟ فهذا يجوز أن يقع الشك فيه، ويعلم بالاجتهاد، لأنه نظر في تعيين موضع الآية بعد كونها مكتوبة بخط القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>