تحلم عن الأدنين واستبق ودهم ... ولن تستطيع الحلم حتى تحلما
يعني أن [الخيرات] تكتسب بالتعود، وحمل النفس عليها كرهًا، ثم يصير الخير عادة، والحلم بعد التحلم، والكرم بعد التكرم. وأظن أن هذا [هو][مقصود] الآية بقوله تعالى: {تطهرهم وتزكيهم [بها]}.
فقد ظهر في هذه العبادة صلاح في الدنيا والعقبى، وحمل النفس على مكارم الأخلاق، من الكرم والعطف على المحتاج.
وفيه [أيضا] إدخال السرور على القلوب، وزيادة الإشفاق على الخلق. فإن الإنسان إذا وجد رقة على ضعيف، فإن عمل بمقتضى تلك الرقة وأعطاه، ازدادت رحمته له، وإشفاقه عليه. فهذه [الأعمال] كالأغذية لمعاني القلوب، فإن المعاني تبدو في القلوب ضعيفة، فإن عمل بمقتضاها قويت، وإن عطلت عن الأعمال، انحلت وتصرمت. [وإذا] عمل بمقتضاها، رجع أثرها على المعاني بالتوكيد [والتقرير]، فيكون كل واحد منهما ممدًّا لصاحبه. والله تعالى يوفقنا لما [يحبه] ويرضاه، بمنه وفضله، إنه على كل شيء قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
والعبادة الثالثة- صوم شهر رمضان: قال الله تعالى: {فمن شهد منكم