شخصان على فقء عيني شخصٍ، وتولى كل واحدٍ (٩٥/ أ) منهما فقأ عين، لم يتصور أن يفقأ عينا كل واحد، وإن تمالآ على إتلاف بصره جملة. والسبب في ذلك، أن الشرع لم جعل الإبانة عوضًا عن الجرح، ولا العمى عوضًا عن العور، ولا مقابلًا له. فإذا أناط الشرع حكمًا [بحكمة]، وجب [اعتبار] تلك الحكمة في تعدية ذلك الحكم. فأما أن نرتب نحن حكمًا آخر، مخالفًا للحكم على تلك المصلحة، فلا سبيل إلى ذلك.
وإذا جرح رجل رجلًا جرحًا، وكان عند الجارح جرأة بحيث لا ينجز إلا بقطع يده، لم يصر أحد من الأمة إلى جواز ذلك في حقه. وكذلك في سائر الجنايات. وإذا نزل الشرع الشريك منزلة المنفرد في الموضع الذي لا يثبت فيه التمييز، أمكن أن يقال: هم بجملتهم قاتلون، لاستواء نسبة القتل إلى فعل الجميع، وكذلك القطع، إذا تمالأوا على حديدة واحدة. [أما] إذا قطع كل واحد من ناحية، فالحاصل من كل واحدٍ جرح معين، فكيف يصح [أن تقطع] يد الجارح؟ وليس إلينا وضع الحكم، ولكن إذا وضعها الشرع اتبعناها. وسيأتي لهذا مزيد تقرير في كتاب الترجيح، إن شاء الله تعالى.
قال الإمام رحمه الله: (ولو أراد [القائس] أن يعتبر قاعدة أخرى