وأما [ما] منع القياس فيه لأجل الفرع، فكل موضع لم يثبت مناط الأصل في الفرع، فلا يصح قياسه على الأصل. وذلك يؤول إلى أمرين: أحدهما- ينشأ من عدم فهم معنى الأصل.
والثاني- يرجع إلى فقد معنى الأصل من الفرع. وفي الوجهين يمتنع أن يجعل فرعًا، لعدم ما يربط بينه وبين الأصل. والرخص والتقديرات يمتنع القياس فيها لذلك.
أما الرخص، فقد قلنا: إن الأغلب فيها عدم مصادفة ما يساويها. وقد قدمنا الكلام على ذلك. وأما المقدرات، فلعدم الوقوف على سبب التقدير. وإذا نشأ النظر في هذا من شروط الفرع، فلابد من استيعاب النظر [في ذلك]. وللفرع خمسة شروط:
الأول: منها: أن يكون مناط الحكم في الأصل موجودًا في [الفرع]. فإن تعدي الحكم فرع تعدي العلة. فإن كان وجودها في الفرع مقطوعًا به، فلا شك في صحة الإلحاق. وإن كان مظنونا، فقد اختلفوا فيه، فذهب ذاهبون إلى أنه لا يجوز الإلحاق إلا إذا قطع بالوجود، ولا يكتفى بغالب الظن في تحقيق المناط. وقال قائلون: إذا ظن وجود العلة في الفرع، اكتفي بذلك. والفريقان متفقان على أنه لا يشترط القطع بكون الوصف علة، بل يكتفى بظن ذلك، إذ ذلك يرجع إلى إثبات الأحكام. (٨٢/ أ) واكتفى الشرع في كثير من الأحكام بغلبات الظنون. أما ما يرجع إلى تحقيق مناط المعنى في الفرع، فهو نظر في أمرٍ وجودي، فالعلم فيه متأتٍ، ولابد عندنا في ذلك من التفصيل.