الركن الثالث- المجتهد فيه: وهو كل حكم شرعي لم نتعبد فيه [بالعلم]. واحترزنا بقولنا: كل حكم شرعي، عما يتعلق بالكلام في المعقولات، كقدم الصانع، وحدث العالم، (٤١/ ب) وثبوت الصفات [القديمة]، وما يتعلق بجواز بعثة الأنبياء، وجميع ما يتعلق بالكلام على الحقائق، فإن تلك الحق فيها واحد، لا يتصور [فيها]، [لا] التبديل ولا التغيير، وأما الأحكام الشرعية فوضعية، يجوز أن يثبتها الله تعالى، ويجوز أن لا يحكم على الخلق، ويجوز بعد الحكم أن يكلفهم تحصيل العلم، ويجوز أن يكتفي منهم بظن الإصابة.
وإنما نعني بالمتجهد فيه، ما لا يكون المخطئ [آثمًا، ونعني بغير المجتهد فيه من الأحكام الشرعية، ما يكون المخطئ] فيه آثمًا، كوجوب الصلوات الخمس والزكاة، وما اتفقت عليه الأمة، وعليها أدلة قطعية، يأثم فيه المخالف، فليس ذلك محل الاجتهاد. هذه هي الأركان. فإذا صدر الاجتهاد من أهله، وصادف محله، كان المكلف مأجورًا، [سواء] أصاب الحكم أم لم يصبه، على ما سيأتي بيانه بعد ذلك.
وقد ظن قوم أنه يشترط في الاجتهاد أن لا يكون في زمن الرسول