مطلقًا، اكتفى بالاطلاع، كالإجماع، ولم يبحث عما رواءه على حال. وإن كان ينقل مشروطًا، يبحث بعد اطلاعه على شرط نقله، كما تقدم بيانه.
ومعظم ذلك يشتمل على ثلاثة فنون: علم الأصول، وعلم الحديث، وعلم اللغة. وقد قلنا: إنه لابد من تحصيل المعرفة بالمرسل والرسول الصادق، بالاطلاع على وجه دلالة المعجزة.
وإذا قلنا: لابد من معرفة اللغة، فإن بنينا على أن الشرع [لم يتصرف] في اللغة العربية- وهو اختيار القاضي- اكتفينا في معرفة الأحكام بمعرفة اللغة العربية. وإن قلنا: إنه تصرف، لم نكتف بذلك (٣٥/ ب)، [وقلنا: ] لابد من معرفة لغة الشرع. وإن طلبنا- على هذا الرأي- معرفة اللغة العربية، فلكونها في أكثر أحوالها موافقة للغة الشرعية، وإلا فلا خفاء على هذا، بأنا لابد أن ننظر في كل لفظة، هل تصرفت الشريعة فيها أم لا؟ ولو جعل- على هذا الرأي- الاعتماد على فهم لغة [الشرع]، لكان حسنًا، بل لا يقال غيره.
وبيانه: أنا إذا فهمنا معنى الكلمة عند أهل الغلة، لم نكتف به، حتى ننظر ما مدلولها في الشرع؟ وإن فهمنا مدلولها في الشرع، اكتفينا، ولم ننظر في مدلولها في اللغة أصلًا، لأجل فهم الحكم. فلا وجه على رأي من أثبت التصرف، إذا قال: لابد من فهم اللغة، أن يكون مراده: إلا لغة الشارع - عليه السلام -. هذا تمام الكلام على ما يفتقر المجتهد إلى تحصيله من العلم. وهو تمام الركن الثاني.