وأما قوله [أخيرًا]: لو انتصب على معنى ادعاه المستنبط [دليل]، فلا يضر أن يفرض لذلك الحكم علة أخرى. فيشير إلى أن المقسم سلك مسلك الإبطال، ليتلقى منه التصحيح. وقد [تبين]- على زعمه- أنه لا يتلقى منه تصحيح المبقى. فإذا قال القائل: ما أردت أن أجعل الإبطال دليل [التصحيح]، بل شرطه، فأنا أفتقر إلى أن أدل على صحة المعنى. قال الإمام جوابا عن هذا: هذا أمر لا يحتاج إليه، فإن المعلل إذا دل على صحة وصفه، فلا حاجة في انتصابه علة إلى إبطال غيره. فلزم من ذلك أن يكون تكلف سبرًا وتقسيمًا من غير فائدة، إذ لا يصلح الإبطال لتصحيح الباقي، ولا يشترط الإبطال في تصحيح الباقي، إن وجد دليل التصحيح، فقد صار تكلف سبرًا وتقسيمًا من غير فائدة.
وهذا أيضًا من المغالطات وطرق التمويهات، فإن الإمام لا يرى تعليل (٢٧/ أ) الحكم بعلتين، وإنما يتأتى أن يقول بهذا من يعلل الحكم بعلتين.