تواتر عند أهل الإسلام [حسن] أحوالهم، واستقامة طريقهم، وشهرتهم في العلم والورع. وما لم يكن على هذا الوجه، وكان أمره مستورًا عن المطلع على روايته، امتنع عليه الحكم بها، حتى يبحث عن حاله، وذلك بأن يسأل عن طريقته، ويستبين أمر سيرته، فيستدل [بذلك على ما] يثبت عنده. وهذا شديد في زماننا مع كثرة الوسائط، واندراس نقل الطرق، وتراخي الأزمنة.
وقد صار بعض الأصوليين لأجل هذه الضرورة، إلى جواز الاكتفاء بتعديل الأئمة، كما ثبت عند الكافة، الانقياد إلى تعديل من روى عنه البخاري ومسلم في (الصحيحين)، وإن كان أكثر الرواة عند أهل العصر مستورون.
هذا هو الذي اختاره أبو حامد، لأجل (٥٣/ أ) الضرورة، والإمام أيضا يشير إلى هذا، فإنه قال: ويبعد في حق الراوي أن يعرف حالة (٤١/ أ) كل من يروي له خبرًا، فيكتفي بتعديل الأئمة بعد أن يعرف أن مذهبهم في التعديل مذهب مستقيم، فإن كان الناس أيضًا قد اختلفوا فيما يعدل به ويجرح. والصحيح عندنا خلاف ذلك، وهذا تقليد محض، ولا يكون المجتهد على بصيرة في علم الحديث على هذا التقدير، بل لا يكون مقلدًا في بعض المواد. وإذا تطرق التقليد على المادة، لم يكن المقلد مجتهدًا فيما ينبني عليها.