الرابع- إن هؤلاء القوم [إن] أرادوا القطع بما حكموا [به]، فالآية لا تدل دلالة القواطع، ويلتحق الظاهر (٥٦/ ب) في محل طلب العلم بالمجملات، ولا يصح التمسك به. وإن أرادوا أن ذلك مظنون، فقد بينا ما في الآية من الكلام، والله الموفق [للصواب].
قالوا: لو حكم بالاجتهاد، لأمكن أن لا يوافق الصلاح في البعض، وإن أصاب في البعض، ويمتنع أن يثبت [الحكم] إلا لمصلحة. قلنا: قد تقدم من أصولنا أن الأحكام لا ينبني إثباتها ورفعها على المصالح على حال، ولله [تعالى] أن يتعبد عباده بما شاء، وإن علم أنه لا صلاح لهم في ذلك. وقد عبد الله [تعالى] الكفار بالإيمان، مع علمه بأنهم لا يؤمنون، فلا صلاح لهم في تكليف يعرضهم إلى النار [وغضب] الله تعالى إلى غير نهاية.
ويجوز أيضا أن يوفق الله تعالى رسوله في اجتهاده، بحيث لا يظهر له إلا ما فيه الصلاح في الدنيا والآخرة. كل ذلك ممكن من الله تعالى، فلا استحالة في ذلك أصلًا.