للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب الصلاة والصوم، وتحريم الربا والسرقة، لبالغوا في الإنكار والتغليظ عليه، لأن فيها أدلة قطعية. ولو كانت المسائل كلها على هذا الوجه، لعظم الأمر واشتد النكير، ولأوشك أن ينقل ذلك تواترًا، والنقل على خلاف ذلك، كما ذكرناه. (٤٤/ ب).

وكما علم أنهم لم يوجبوا على العوام النظر والبحث عن أدلة المسائل، كذلك علم أنهم مكنوا العوام من تقليد من رأوا من المفتين. وكيف لا يكون كذلك، والحكام في آحاد البلدان يحكم كل واحد بما يراه، ولا يعترض عليه غيره، ولا يتعرض لتتبع أحكامه؟ والأمر على خلاف ذلك ضرورة، فثبت بهذا أنه لا إثم في المجتهدات على حال.

فإن قيل: إنما سكتوا خوف ثوران الفتنة، وإقامة الحروب وعظم المحذور. قلنا: هذا محال، فإن القوم مع صلابتهم في الدين، وتعظيم أمر الشرع، لا يتوقفون لمثل ذلك، ما بالهم لم [ينكفوا] عن تخطئة [مانعي] الزكاة، مع قرب وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحصول الارتداد، وانتقاض أمر الإسلام؟ بل كان القوم لا يخافون في الله لومة لائم. هذا مع كثرتهم، فكيف يتفق من الجم الغفير التواطؤ على باطل، وأن يكونوا مع صفة [الصلابة] في الدين والغضب [له]؟ هذا مما تحيله العادة قطعًا.

فإن قيل: فقد نقل الإنكار والتشديد والتأثيم من بعضهم على بعض، حتى قال ابن عباس: (ألا لا يتقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنًا، ولا يجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>