للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبيان ذلك بالمثال: أن نتردد في تحريم أمرٍ من الأمور، ويلتبس علينا ثبوت تحريمه أو نفيه، ثم يرد [الشرع] معرفًا انتفاء التحريم على مثله، فتبين بعد شرعية القياس، وجريان المتماثلات في الشرع على قضية واحدة، انتفاء التحريم [عن الأمر] الذي ترددنا فيه. فقد وضح بهذا التقدير، صحة جريان قياس الدلالة في النفي دون قياس العلة.

ومما يتعلق [بالنظر] في الحكم الذي يصح إثباته بالقياس، انتصاب الأسباب للأحكام أسبابًا، فإنه يجوز عندنا أن يثبت سبب الحكم، قياسًا على سببٍ آخر. وذا هو المقصود من الكلام، فإذا حكم الله - عز وجل - برجم الزاني، جاز أن يطلب سبب ذلك، حتى يقف على سببه، وهو الزنا، فإذا ذكر أن الزنا علة الرجم، صح أن يعلله أيضا بعلة يعديها إلى غير الزنا، كما جاز أن يعلل [الحكم] الثابت على زيد، [ويعديه] إلى عمرو، عند فهم المعنى المقتضي للتعدية. وهذا القسم الأخير، هو قياس بالإجماع. أما الأول، ففيه النزاع.

وقد ذكرنا أن أبا زيد الدبوسي أنكر هذا النوع من التعليل، وقال: الحكم يتبع السبب دون حكمة السبب، وإنما الحكمة ثمرة، وليست بعلة، فلا يجوز أن يقال: جعل القتل سببًا للقصاص للزجر والردع، فينبغي أن يجب (٧٧/ أ) القصاص على شهود القصاص إذا رجعوا، [لمسيس] الحاجة إلى الزجر،

<<  <  ج: ص:  >  >>